الشرق الأوسط والسيارات الكهربائية : سوق من الفرص الواعدة

محللين CFI

30 أكتوبر, 2024

مقدمة: واقع السيارات الكهربائية عالميا!

يروي التاريخ أن أول سيارة كهربائية ظهرت وتم تسجيل براءة اختراعها تعود إلى عام 1894، ما يعني عدم تأخر ظهورها عن أول سيارة تعمل بالوقود التقليدي، إلا أن الإقبال على هذه السيارات انخفض بشكل كبير جدا مع سيارة فورد التي تعمل بالبنزين عام 1908 والتي أثبتت فعاليتها وتكاليفها المنخفضة مقارنة بالكهربائية آنذاك.

إلا أن الاهتمام بالسيارات الكهربائية عاد مع مرور الزمن، وتحديدا في ستينيات وسبعنيات القرن الماضي في ظل أزمات الطاقة والغلاء، ما مثل تهديدا بشكل كبير قطاع السيارات التقليدية، وهو ما دفع الكونغرس الأمريكي عام 1976 إلى إقرار قانون البحث والتطوير والتجربة للسيارات الكهربائية والهجينة، لتنطلق بعد ذلك جهود كبيرة في هذا القطاع الذي ارتفعت شعبيته بعد عام 2008(1).

ولترتفع حصة السوق العالمية للسيارات الكهربائية ضمن مبيعات سيارات الركاب بين عامي 2010 و2022، وتبلغ عام 2022 ما نسبته 14%. (2)

الشرق الأوسط والسيارات الكهربائية

وتشير التقديرات إلى أنه وخلال عام 2023، قد تم بيع أكثر من 14 مليون سيارة كهربائية حول العالم، ومن المتوقع أن يزداد هذا الحجم بشكل كبير، خاصة في ظل سيناريو الانبعاثات الصفرية الصافية بحلول عام 2050، التي يعقد العالم آماله بأن يصلها في ذلك العام، مدفوعا بالانطلاق نحو الطاقة النظيفة وأحدها التوجه نحو السيارات الكهربائية (3).

حيث تشير التوقعات إلى أن مبيعات السيارات الكهربائية ستقترب وفقا للسيناريو السابق إلى 104 مليون سيارة كهربائية خلال عام 2035، بحسب ما ورد على صفحات statista.(4)

ومع هذه الثورة الملحوظة في السيارات الكهربائية، كان لزاما أن تنتبه الدول ذات الاقتصاديات المتقدمة لهذا القطاع، مثلما هو الحال لدى كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين، واللتان تهيمنان على قائمة أكبر الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية، وعلى رأسها شركة تسلا الأميركية والتي تمثل أكثر من 70% من حجم سوق السيارات الكهربائية من حيث القيمة السوقية بقيمة تتجاوز 860 مليار دولار في شهر أكتوبر من العام 2024. (5)

وتدفع هذه الأرقام والحقائق حول هذه السوق المهمة، إلى الانتباه لحجمها في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد.

الشرق الأوسط والسيارات الكهربائية : سوق الفرص والمستقبل

وفقا لتقرير مؤشر شحن المركبات الكهربائية للعام 2024 والصادر عن شركة الاستشارات العالمية رولاند بيرجر، فإن القطاع يواجه الكثير من المشاكل الهيكلية والتنظيمية، سواء على صعيد ارتفاع أسعار الكهرباء مدفوعا بالتضخم، أو على صعيد الإرهاق المالي الذي تراه الحكومات في حجم البنية التحتية التي يلزمها هذا القطاع. (6)

وعلى الرغم من إشارة التقرير إلى انخفاض مبيعات السيارات الكهربائية عام 2023، إلا أنه أشار لكل من أسواق الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا كأسواق استثنائية، أظهرت نموا سريعا.

حيث قدم التقرير بعض الأرقام التي تشير إلى التحسن الذي شهدته البنية التحتية للسيارات الكهربائية في الشرق الأوسط وعلى رأسها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وذلك مقارنة بتراجع طفيف في البنية التحتية لدى الأميركيتان والصين.

أما ووفقا لتقرير صادر عن شركة PwC عن السيارات الكهربائية، فإن الإمارات العربية المتحدة تمتلك حوالي 2000 نقطة شحن عامة خلال عام 2024، مع توقع أن تتجاوز حصة السيارات الكهربائية في السوق نسبة 15% من جميع المبيعات في الإمارات العربية المتحدة بحلول عام 2030. (7)

وتلاحظون في الرسم أدناه حجم مبيعات السيارات الكهربائية في الإمارات العربية المتحدة من 2017 إلى 2029، بحسب موقع statista (8)

فيما أشار تقرير لوكالة ديلويت إلى آفاق السيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط، ليتوقع أن تشهد هذه السوق نموا هائلا في الشرق الأوسط خلال السنوات القادمة، لتبلغ نحو 7.65 مليار دولار أميركي بحلول عام 2028 ارتفاعا عن 2.7 مليار دولار أميركي عام 2023، وذلك للعديد من العوامل كان أبرزها (9):

المبادرات الحكومية لتعزيز استخدام المركبات الكهربائية.
زيادة الوعي حول الطاقة.
توسيع شبكات الاتصالات من الجيل الخامس.
تنفيذ وثائق الرؤية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت.

أما وعلى صعيد تواجد شركات السيارات الكهربائية في منطقة الشرق الأوسط، فأشار تقرير ديلويت، إلى مكانة فعلية تعكس مدى الاهتمام بهذه المنطقة.

حيث يقوم اللاعبون الجديد في هذه الصناعة باختيار منطقة الشرق الأوسط من خلال التواجد الفعلي ومد جسور الشراكات الفعلية مع المنظمات المحلية، ومن أبرزها وفقا لتقرير ديلويت ما يلي:

حصول شركة تصنيع السيارات الكهربائية الصينية NIO على استثمار بقيمة 1.1 مليار دولار أمريكي من شركة الاستثمار CYVN Holdings في أبو ظبي لتعزيز ميزانيتها ودعم نمو أعمالها.
استثمار وزارة الاستثمار في المملكة العربية السعودية في شراكة بقيمة 5.6 مليار دولار أمريكي مع شركة Human Horizons الصينية الناشئة للسيارات الكهربائية لتطوير وتصنيع وبيع المركبات الكهربائية.
الاستثمار السعودي البارز في شركة السيارات Lucid المدعمة من صندوق الاستثمار العام، والتي افتتحت أول مصنع دولي لها في مدينة جدة عام 2023.

وفي الختام، وبعد استعراض أهمية هذا القطاع من جانب، ومدى الانفتاح الذي تبديه منطقة الشرق الأوسط على هذه الصناعة الحيوية من جانب آخر، يتجلى لنا أمران:

المستقبل الواعد الذي يحيط بهذه الصناعة، سواء على صعيد الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة من قبل الحكومات والأفراد.
الموقف الحيوي لمنطقة الشرق الأوسط وتحديدا دول الخليج العربي، والانفتاح العالمي على هذه الصناعة.
الفرص الاستثمارية الواعدة الممكنة في هذا القطاع على صعيد الاسواق المالية بالنسبة للأفراد والمؤسسات.

المصادر:

افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.

See All

الشرق الأوسط وشمال إفريقيا