ردود أفعال الأسواق المالية المحتملة على تنصيب ترامب
مقدمة:
بصفته الرئيس السابع والأربعين، سيتولى دونالد ترامب حكم البيت الأبيض للمرة الثانية غير المتصلة، وذلك بعد الفوز على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في نوفمبر من العام الماضي، وهي النتيجة التي كانت قد أثرت على مختلف الأسواق المالية.
إذا ارتفعت أسواق الأسهم بعد تاريخ الإعلان عن فوز ترامب بمتوسط 1.2% للمؤشرات الأميركية الثلاثة، مع بلوغ مؤشر S&P500 أعلى مستوياته على الإطلاق، وذلك بفضل التفاؤل بسياسات ترامب المالية التي وعدت بتخفيضات ضريبية على الشركات، مع وعود حمائية من المنافسة الخارجية والتي يتسيدها ملف التعريفات الجمركية على الواردات من الخارج.
أما أسواق العملات المشفرة، فقد كان لها نصيب الأسد من الارتفاعات، حيث ارتفعت العملة المشفرة الأكثر شهرة "بتكوين" بما يتجاوز 55% منذ إعلان فوز ترامب وحتى اليوم، وذلك بفضل وعود ترامب بجعل أميركا عاصمة للعملات المشفرة، والوعود بدعم عالم التشفير، وصولا إلى العملة التي أطلقها باسمه والتي تخطت ارتفاعاتها خلال ساعات المليارات لتقفز إلى قيمة سويقية إجمالية تجاوزت 5.7 مليار دولار خلال أقل من يوم واحد.
بينما وعلى صعيد الذهب، فقد تعرض لانخفاض تجاوزت نسبته 3% في اليوم الأول من الإعلان عن نتيجة فوز ترامب، وذلك بدفع من مخاوف أن تتسبب سياسات ترامب المالية في عودة التضخم للارتفاع، بشكل يجبر الفيدرالي على الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة، وهو ما لا يرغب به المعدن الأصفر الذي تألق بالمقام الأول بتفاؤل من انطلاق خفض الفوائد في سبتمبر من العام 2024.
كيف تستعد الأسواق لعودة ترامب؟
أولا. أسواق الأسهم:
بعد 75 يوم من الإعلان عن فوز ترامب بولايته الثانية، تترقب مختلف الأسواق ما سيقوم به ترامب على صعيد الملفات الاقتصادية التي وعد بها خلال حملته الانتخابية.
إلا أن المختلف الآن سيتمثل في طاقم فريقه، وتحديدا الاقتصادي، حيث إن أغلب أعضاء فريقه يتمثل في المليارديرات والأشخاص الأثرياء المندفعين، أمثال هوارد لوتنيك وزير التجارة، وسكوت بيسنت وزير الخزانة اللذان تبلغ ثروتهما 3 مليارات دولار أميركي.
وقد ترسل هذه المعلومة إشارة إيجابية للأسواق المالية، وذلك من خلال ما يمكن أن يقدمه هؤلاء الأعضاء من تأييد لفكرة ترامب في التخفيض الضريبي ودعم الشركات خلال ولايته.
ثانيا. أسواق العملات المشفرة:
أما عن أسواق العملات المشفرة، فإنه لا يمكن إنكار الدعم والتأييد الذي ما زال يقدمه ترامب لها، ابتداء من إعلانه عن ذلك خلال حملته الانتخابية، مرورا بما قام به أثناء تعيينه للأشخاص وتحديدا في المناصب الاستشارية، والذين قال ترامب عنهم بأنهم سيعملون مع ديفيد ساكس قيصر الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة والذي سيعمل بدوره على وضع إطار قانوني سيتمتع صناعة التشفير بزعم ترامب.
بل إن التفاؤل بدعم ترامب في سوق العملات المشفرة وصل إلى أن يقوم العديد من المسؤولين التنفيذيين في مجال العملات المشفرة للاحتفال في أول حفل تنصيب تشفيري في التاريخ قبل يومين من التنصيب الرسمي لترامب الاثنين في 20 من يناير.
ثالثا. أسواق المعادن والذهب:
يبقى الذهب واحدا من الملفات الغامضة نسبيا قبل استلام ترامب لزمام الأمور، واتضاح كيفية تنفيذه لوعوده الاقتصادية وتحديدا الخارجية، وهو ما الأمر الذي ما زال يرسل إشارات متضاربة للذهب.
حيث إنه قد يحمل في الفترات الأولى وتحديدا الشهور الستة الأولى إلى الشهور الاثني عشر الأولى من ولايته دعما لبقاء التضخم مرتفعا بشكل يجبر الفيدرالي على الإبقاء على الفوائد مرتفعة مع احتمالية تخفيض إلى تخفيضين خلال عام 2025، وهو ما سيكون محبطا للذهب نوعا ما.
بينما قد تحمل سياسته الحمائية والداعمة للشركات، دعما لأسواق الأسهم بشكل قد يدعمها لسحب البساط من الذهب، وذلك في حال استمرت أسواق الأسهم في تسجيلها لمستويات تاريخية قياسية.
أما الإشارة الداعمة للذهب بشكل واضح، فإنها قد تتمثل في العدائية التي يمكن أن تتسم بها عملية تنفيذ ترامب لسياسته، ما قد يدفع الأسواق للملاذات الآمنة للتحوط من أية اضطرابات اقتصادية أو جيواقتصادية محتملة، وهو الأمر الذي يمكن أن يفسر الإيجابية النسبية التي يؤديها الذهب قبل تنصيب ترامب رسميا واتضاح آليته في تنفيذ وعوده.
رابعا. أسواق العملات:
ما زالت التوقعات تشير إلى دولار قوي وتحديدا حتى الشهور الستة إلى الاثني عشر شهرا الأولى من ولاية ترامب بسبب ما قد تمثله سياسته المالية من دعم لبقاء الفوائد المرتفعة، إلا أن بعض المحللين أشاروا إلى أن هذه التوقعات قد تصطدم ببعض الأمور التي قد تعطل على الدولار رحلته الصاعدة، وعلى رأسهم كان دونكان ويلدون المؤلف لكتاب "مئتي عام من التخبط: القصة المدهشة للاقتصاد البريطاني" والذي قال بأن هناك ثلاثة أمور قد تسبب رياح معاكسة للدولار على رأسها اضطرار الفيدرالي لتخفيض الفوائد لدعم النمو الاقتصادي والعدائية ضد الدولار التي قد تنشأ لدى الدول المتضررة من سياسات ترامب الاقتصادية.
الخاتمة:
وفي الختام، أظهرت الأسواق المالية ردود فعل متباينة إزاء فوز دونالد ترامب بولاية ثانية، حيث استفادت أسواق الأسهم والعملات المشفرة من التفاؤل المحيط بسياساته الاقتصادية، في حين يواجه الذهب والدولار مستقبلاً غير مؤكد. وفي حين حفز موقفه المؤيد للأعمال ودعمه لقطاع العملات المشفرة النمو، فإن المخاوف بشأن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة والتوترات العالمية المحتملة قد تخلق تقلبات. وستكشف الأشهر المقبلة عن كيفية تطور سياسات ترامب وتأثيرها الأوسع على الأسواق المالية العالمية.
افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.