كيف تحدد المؤسسات ذات المصداقية؟

• ما المقصود بمفهوم المصداقية؟ وما أهميتها؟
• كيف نتأكد من المصداقية؟

مقدمة:

يتعلق جزء مهم من دقة القرار الذي يمكن للمستثمر أو المتداول اتخاذه، بمصداقية المؤسسات أو الجهات التي لها علاقة بذلك القرار، سواء التي تقدم خدمة التداول، أو تلك التي تقدم خدمات ذات علاقة كالتعليم أو التحليل، إلى غير تلك من الخدمات، إذ أن المصداقية تعكس مدى جدارة واستحقاق أي مؤسسة بالثقة والالتزام بما تقدمه من وعود، بل إن تمتع المؤسسات بالمصداقية في تقديم ما تعد به، يعد عاملا من عوامل تقدم المجتمع ككل وتمكينه من بلوغ أهدافه، وبالتالي تحقيق النهضة الاقتصادية لأية دولة تستطيع احتضان أكبر كم من المؤسسات التي تتمتع بمستوى مرتفع من المصداقية.

لذا فإن هذه المقالة ستوضح مفهوم المصداقية وأهميتها، إلى جانب محاولة استكشاف الطرق المختلفة لتحديد ما إذا كانت المؤسسة ذات مصداقية، مع تسليط الضوء على المعايير التي يجب أخذها بعين الاعتبار، والأدوات المتاحة للبحث عن تلك المؤسسة.

ما المقصود بمفهوم المصداقية؟ وما أهميتها؟

يفسر موقع IGI Global scientific publishing  "المصداقية" على أنها "صفة الثقة والاحترام والتصديق، التي تقيس مدى الاعتمادية على شخص أو مصدر أو معلومات"، فيما يصفها قاموس جامعة كامبريدج على أنها "الصفة التي يتمتع بها الشخص أو الجهة، والتي تؤكد على مدى الثقة والصدق، مع تقديم دليل ملموس على ذلك".

ورغم وجود عدة مفاهيم لمصطلح المصداقية، إلا أن جوهرها في العموم يشير إلى أن الجهة التي تصف نفسها بالمصداقية، تكون على قدر كبير من النزاهة، وأنها تعني وتنفذ ما تقوله، و/أو أنها تمتلك قاعدة عميقة من المعرفة الحقيقية حول ما تعد بتقديمه، وأن هذه الجهة قادرة على دعم قرارات عملائها من خلال ما تمتلكه من خبرات ومهارات حقيقية تستطيع إثباتها بالدليل الملموسس وليس الاكتفاء بالأقوال فقط.

ووفقا لذلك، فإن بناء المصداقية يعد أمرا بالغ الأهمية بالنسبة للمؤسسة وعملائها والاقتصاد بشكل عام، بل إن الحفاظ على المصداقية وتنميتها يساهم في تحقيق أمور شتى أبرزها:

• جذب العملاء، وتعزيز ولائهم في ظل بيئة شديدة التنافسية.
• التميز عن المنافسين بشكل يعود بالنفع على العملاء.
• زيادة الثقة بالمنتج أو الخدمة التي يتم تقديمها بشكل عام.
• المساهمة في تخفيض الضوضاء التي يمكن أن تؤثر على قرار المستثمر أو المتداول.
• زيادة مستوى الخبرة لدى المستثمر أو المتداول في ظل بيئة العمل التي توفرها الشركات ذات المصداقية العالية.

كيف نتأكد من المصداقية؟

حتى يتمكن الشخص من تحري مصداقية مؤسسة، وسيط مالي، أو جهة ما، فلا بد له من التعرف على العناصر التي يتم من خلالها بناء المصداقية، وفيما يلي أبرز تلك العناصر:

1. الاتساق والتناسق في الأفعال والأقول:

يعدُ تقديم مؤسسة أو جهة ما للوعود البراقة حول ما تقدمه من منتجات أو خدمات أمرا مهما، ولكن الأهم يكمن في ارتباط تلك الوعود بما تقدمه على أرض الواقع، سواء أثناء التنفيذ، أو في خدمات ما بعد التنفيذ والتواصل الفعال والدائم.

ويمكن فحص هذا العنصر من خلال العديد من الإجراءات، أبرزها الاطلاع على المراجعات المتاحة عن الشركة عبر مختلف الوسائل والقنوات سواء الرسمية أو غير الرسمية (على سبيل المثال الأخبار غير المدفوعة/ الممولة عن الشركة كتلك التي تشير إلى إنجازاتها ودورها المجتمعي)، وفي حال كان للشركة سنوات خبرة سابقة، يمكن مراجعة نتائج أعمالها أو تقاريرها العامة أو ما يُنشر عنها في القنوات المختصة في مجالها.

2. الخبرة:

إن امتلاك شركة أو جهة ما للخبرة الجيدة في المجال الذي تختص به يقطع شوطا كبيرا في بناء المصداقية، وذلك عبر امتلاك طاقم محترف وبناء أو تبني أنظمة متطورة وإجراءات عمل متقدمة.

ويمكن تحري هذا العنصر من خلال التواصل المباشر مع الشركة وزيارتها، وفحص ما تمتلكه من شهادات، أو إجراء مقابلة أو أكثر مع طاقم عملها للتعرف على خبراتهم عبر إجابات أسئلة متخصصة في مجال عمل الشركة، وهو ما يتيح أيضا التأكد من إجراءات العمل المتبعة داخل الشركة ومدى الاحترافية في إعدادها وتنفيذها ومتابعتها.

3. الشفافية والوضوح:

ويعكس هذا العنصر مدى انفتاح الشركة أو الجهة على الجمهور، وتعريف الشركة بكل ما يتعلق بها من معلومات وإنجازات وأنشطة بشكل دوري ودائم، وهو ما يزيد من عامل الثقة بالشركة والثقة بمنتجاتها أو خدماتها.

ويستطيع المتداول أو المستثمر فحص هذا العنصر عبر متابعة أخبار الشركة وإعلاناتها وفحص دورية الأخبار (والمقصود بالدورية هنا أن تعلن المؤسسة أو الجهة عن أخبارها بشكل متتابع وليس بشكل متقطع أو قديم غير محدث).

4. آراء العملاء وشهاداتهم:

تعزز الأسئلة عن المؤسسة وقراءة مراجعات عملائها من الثقة والشعور بالمصداقية، إذ أنها توفر دليلا اجتماعيا على الثقة التي يبديها العملاء في تلك المؤسسة أو الجهة.

5. الممارسات الأخلاقية:

إن قيام المؤسسة بالمسؤولية المجتمعية يعزز من ثقة العملاء بالسلوك الأخلاقي للشركة تجاه المجتمع الذي تمارسه الشركة لأعمالها في ظله، لينعكس كل ذلك بشكل إيجابي على مصداقية الشركة وزيادة الثقة بدورها بشكل عام.

6. الإعلانات الحقيقية:

تعد الإعلانات وسيلة التواصل الأبرز ما بين أي مؤسسة وجمهورها سواء الفعلي أو المحتمل، إلا أن تميز الإعلان بصفات محددة، قد تساعهم في تكوين أو تعزيز مصداقية الجهة صاحبة الإعلان.

ويمكن التأكد من مدى صدق المادة الإعلانية واللغة المستخدمة فيها، من خلال الإطلاع على مقالات "شفافية التداول+"، مثل "اكتشاف الإعلانات غير الواقعية" و "تكتيكات التسويق المضللة".

7. التطوير المستمر:

قيام أي مؤسسة أو جهة بتطوير أدواتها ومنهجية العمل الخاصة بها، إضافة إلى تطوير قدرات العاملين فيها، يزيد من المصداقية بل ويعززها في نظر الجمهور الذي يتمكن من خلال هذا العنصر من ملاحقة التطورات المتسارعة التي تحيط بعالم المال والأعمال.

الخاتمة:

إن تحديد مصداقية أي منظمة أمر بالغ الأهمية لأي مستثمر أو تاجر يسعى للحصول على خدمات ومعلومات موثوقة. وتتجاوز المصداقية الوعود؛ فهي تتعلق بقدرة المنظمة على الوفاء بالتزاماتها باستمرار بشفافية ونزاهة أخلاقية. ومن خلال التركيز على عوامل رئيسية مثل الاتساق والخبرة والشفافية وردود أفعال العملاء والممارسات الأخلاقية، يمكن للمستثمرين اتخاذ قرارات مستنيرة وبناء الثقة على المدى الطويل. 

وفي المقابل، لا تعمل المنظمات ذات المصداقية على دفع النجاح الفردي فحسب، بل تساهم أيضًا في النمو الاقتصادي الأوسع. 

ومع تطور الصناعات، فإن الحفاظ على المصداقية من خلال التحسين المستمر أمر حيوي للبقاء تنافسيًا وجديرًا بالثقة في بيئة عمل ديناميكية.