التداول

لماذا تعد الخسائر جزء من الرحلة؟!

محللين CFI
محللين CFI
calendar
18 ديسمبر, 2024
header background

لماذا تعد الخسائر جزء من الرحلة؟!

  • المقدمة: حقيقة الخسائر في التداول
  • طبيعة التداول: الاعتراف بأن الخسائر حتمية طريق النجاح!
  • فهم الخسائر في سياق التداول
  • الخسائر درس قيم
  • تعامل مع التداول كلعبة طويلة الأجل: النظر إلى الخسائر في نطاق أوسع من أهدافك
  • كيف أتعامل مع الخسائر

المقدمة: حقيقة الخسائر في التداول

غالبا ما يتم تصوير عالم التداول، سواء في الأسهم أو السلع أو الفوركس، على أنه مجال خصب لتحقيق الأرباح الضخمة في حال تم اتباع الاستراتيجيات المناسبة، وإجراء التحليلات المتقدمة، وعلى الرغم من أن هذا  التصور يتم تقديمه جنبا إلى جنب مع التأكيد على مدى خطورة هذا العالم، إلا أن العديد من المتداولين، وتحديدا المبتدئين، تجعلهم يرون دائما أن الخسائر جزءٌ لا يجوز أن يحدث لهم أثناء التداول، بل إنه وفي حال تعرضهم لتلك الخسائر فإن جزء ليس بالبسيط يتخلى عن التداول.

ووفقا لبحث أجرته بلومبيرغ فإن أكثر من 80% من المتداولين اليوميين يتوقفون عن التداول خلال العامين الأوليين، وذلك بسبب غياب الاستراتيجيات الواضحة، والفهم الدقيق لآليات التداول التقليدية والحديثة على حد سواء، وهو ما يدفع هؤلاء المتداوليين لاتخاذ قرارات عاطفية، تقودهم نحو الخسائر المتراكمة.

لذا فإن إنكار المتداول لمفهوم الخسائر ورفضه للتعرض له، يعد أحد المفاهيم الخاطئة لدى عموم المتداولين؛ بل إن إدراك الخسائر في التداول على أنها نكسة مالية، بل وأنها جزء من رحلة التداول، يمكن أن يزيد من خبرة المتداول، ودفعه إلى اقتناص الفرص المستقبلية، وتجنيب نفسه لقرارات عاطفية أو اندفاعية، والمحافظة على رأس المال وتحقيق الأرباح حتى خلال الفترات والظروف الصعبة، سواء تلك التي تحيط بالأسواق أو بالمتداول نفسه، لتتحول الخسائر إلى أداة تمكن المتداول من تحقيق الفوز.

وفي هذه المقالة، سوف نستكشف حقيقة الخسائر في التداول، ولماذا تعتبر جانبًا طبيعيًا لا مفر منه من العملية، وكيف يمكن للمتداولين تطوير عقلية تتقبل المخاطر وتنظر إلى الخسائر كفرص للنمو وليس الهزيمة.

أولا. طبيعة التداول: الاعتراف بأن الخسائر حتمية طريق النجاح!

إن التداول، سواء في الأسهم أو الفوركس أو السلع أو الأسواق المالية الأخرى، هو نشاط تحيطه بيئة عدم اليقين، أي أنه وعلى الرغم من اتباع أفضل الاستراتيجيات والبحوث والتحليلات، فإن الخسائر تشكل جزءًا لا مفر منه أثناء التداول. 

بل إن جزء من رحلة التداول، يتعلق بحقيقة مفادها أن أكثر المتداولين خبرة ومهارة، يمرون بفترات من التراجعات والخسائر، وذلك أن عالم المال مُحاطٌ بالعديد من المتغيرات، وكثير منها خارج سيطرة أي متداول فردي، كالأحداث الجيوسياسية المفاجئة التي تغير من اتجاهات السوق الواضحة.

وفهم هذا الجزء والإيمان به والاعتراف به، لا يعكس علامة على الضعف، بل إنه جزء أساسي في تطوير عقلية المتداول، وجعله أكثر مرونة وتكيفا مع الأسواق، بل ومع ما يحيط بعالم المال من ضوضاء (كتلك التي يثيرها الخبراء المزيفون، أو الإعلانات المضللة حينما يعدون بالأرباح الدائمة).

كما أن تحقيق الأرباح في عالم التداول كهدف رئيسي، يجب أن ينطوي على حقيقة مفادها أن النجاح طويل الأجل لا يتلخص في تجنب الخسائر بشكل كامل، بل وفي إدارتها ايضا، لذا فإن استيعاب التعرض للخسائر أثناء التداول يعد أداة من أدوات إدارة المخاطر بمفهومها العام. 

ثانيا. فهم الخسائر في سياق التداول

إن مصطلح "الخسائر" في عالم التداول يعد مفهوما واسعا، ويحمل العديد من الدلالات، التي إن أدركها المتداول بشكل عام، ستساعده في تحسين استراتيجيته المتبعة، أو دفعه لتغييرها واتباع أو خلق استراتيجية جديدة تتوائم مع أهدافه، أو شخصيته وسلوكه العام.

لذا فإن الخسائر، قد تتعلق بأمور تتعدى الخسائر المالية، لتطال ما تنطوي عليه الفرص الضائعة واتخاذ القرارات السيئة، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

1. الخسائر المالية:

يعد هذا الشكل الأكثر شيوعا وفورية للخسائر اثناء التداول، والذي يحدث عندما يتحرك السوق ضد توقعات المتداول وتحليلاته، بشكل يقود المتداول إلى استنزاف رأسماله، على سبيل المثال: شراء المتداول لسهم بسعر 10 دولارات، مع توقع نموه لأخبار او تحليلات تشير إلى نجاح الشركة التي يتبع لها هذا السهم، لكن ولسبب جيوسياسي أو سبب طارئ يتعلق بالشركة أو بظروف السوق، ينخفض السهم إلى 8 دولارات، ليحقق المتداول بذلك خسارة مقدارها دولاران.

من المثال السابق، يتضح أن الخسائر المالية هي جزء يتمتع بسهولة الحساب، ووضوح السبب، ويمكن تجنبه عبر العديد من الأدوات التي سيتم ذكرها لاحقا.

2. الفرص الضائعة:

يعد هذا الشكل من الخسائر، شكلا أقل وضوحا، ولكنه على درجة كبيرة من الأهمية، والذي يحدث عندما يفشل إما في ضياع فرصة شراء أصل يرتفع سعره لسبب أو لآخر، أو يحدث حينما يفشل المتداول في التصرف حيال صفقة مربحة محتملة، إما بسبب التردد أو الخوف، مثل أن يضيع المتداول إشارة شراء قوية بسبب تردده أو خوفه، والاكتفاء بمشاهدة تلك الصفقة تمر أمام عينيه دون انتهازها.

وهنا يمكن أن تكون الفرص الضائعة مؤلمة مثل الخسائر المالية، لأنها تعكس الربح المحتمل الذي لم يتحقق، مما يؤدي غالبًا إلى الإحباط والتخمين.

3. القرارات الخاطئة:

يمكن أن يكون هذا الشكل من الخسائر التي يتعرض لها المتداول، من أكثر الأشكال التي تدفع المتداول إلى اتخاذ القرارات السيئة، إما بناء على تحليل غير صحيح، أو التأثر بالآراء، أو بناء على قرارات عاطفية ومندفعة، على سبيل المثال، أن يبيع المتداول مركزا في وقت مبكر، اعتقادا منه إما بأن السعر اكتفى من الارتفاع، أو بسبب استماعه لشائعة، أو تأثره بتحليل لخبير دون التحقق من شخصيته.

كما يمكن أن يحدث القرار الخاطئ، بدافع من الخوف أو الجشع، التي تقود المتداول إلى التصرف بشكل اندفاعي يقوده نحو الخسائر الحقيقية بل والمتراكمة، كالتمسك بمركز خاسر لفترة طويلة على الأمل بانعكاس السوق.

ثالثا. الخسائر درس قيم!

يصور البعض التداول في عالم الأسواق المالية، وكأنه الإبحار في مياه مضطربة دائما، وهو ما يجعل التداول نفسه أمرا صعبا للمتداول اليومي الذي يحلم بتحقيق الثروات السريعة، وشراء الأشياء الباهظة بضغطة زر فقط! دون قبول إحداث أي خدش في مراكبهم.

وإلى جانب الدراسة التي قامت بها وكالة بلومبيرغ، فإن هناك دراسة قامت بها لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية لمتداولي الفوركس، تشير إلى أن 70٪ من المتداولين يخسرون المال كل ربع سنة، فيما يخسر المتداولون عادة 100٪ من أموالهم في غضون 12 شهرًا.

وأحد تلك القصص، تعود لماثيو شنايدر، المتداول السابق في سوق الأوراق المالية والرئيس التنفيذي لشركة e-States، الذي تحد عن تعرضه للخسائر مرارا وتكرارا، وذلك حينما أشار إلى خسارة مدخراته خمس مرات في التداول اليومي، إلا انه يؤكد على أن هذه الخسار لم تعني له نهاية العالم، رغم ألمها، ولكنها كانت تعد فرصا ذهبية للتعلم، والتعافي وتحويل الخسائر الفادحة إلى دروس قيمة.

رابعا. تعامل مع التداول كلعبة طويلة الأجل: النظر إلى الخسائر في نطاق أوسع من أهدافك

يؤكد العديد من الخبراء والمتداولون الخبراء، أن تحقيق النجاح في عالم التداول، يجب أن يكون ضمن خطة طويلة الأجل، وليست مقترنة بنجاح مؤقت، أو الإحباط من التجارب الأولى، وهو ما يحول الخسائر إلى جزء من الرحلة، وليس الخطوة القاسمة لإنهاء الرحلة في أي مرحلة من مراحلها.

وإدراك هذه الحقيقة، يخلص المتداول من التركيز المفرط على الأداء القصير، والنتائج المحدودة، بل وتخلصه من المشاعر المختلطة بين الشك في الأداء الذاتي أو السوق نفسه، بشكل يزيد من الوعي والابتعاد عن القرارات المتهورة، وصقل شخصية متداول مختلفة عن الآخرين، بطريقة تقود إلى الاحترافية التي ينشدها الكثيرون.

بل إن هذه الحقيقة لها فائدة عظيمة، وتحديدا في إدراك واستيعاب أن أكثر المتداولين احترافا وخبرة، لا يفوزون طوال الوقت، وأن الجميع معرض للخسارة.

خامسا. كيف أتعامل مع الخسائر؟

بناء على ما تمت الإشارة إليه سابقا من التمييز بين الخسائر، وضرورة تقبل تلك الخسائر على أنه جزء من الرحلة، فإنه يمكن التوصل إلى نتيجة واقعية تشير إلى أنه يتعين على المتداول التساؤل حول كيفية التعامل مع الخسائر، لا التساؤل عن كيفية تجنب الخسائر بشكل دائم.

وفيما يلي بعض النصائح العملية التي تساعد المتداول على الوصول إلى الإجابة حول هذا التساؤل السحري والضروري أثناء تداوله، أو اثناء اتخاذه لقرار البدء في التداول. 

أولا. تقبل الخسائر وتحكم في مشاعرك:

إن تقبل الخسائر يعد جزءا من لعبة التداول كما تم توضيحه سابقا، حيث إنه لا يوجد أي متداول لم يتعرض للخسائر، مهما بلغت خبرته وفهمه وتحليلاته من الدقة، وهذا التقبل يجب أن ينطوي على تجنب المبالغة في رد الفعل العاطفي كالغضب أو الإحباط أو الخوف، وأفضل نصيحة لتقبل الخسائر تتمثل في الهدوء وتجنب اتخاذ القرارات أثناء الغضب.

ثانيا. راقب الأهداف طويلة الأجل:

إن وضع المتداول لأهدافه بشكل واضح، وتحديدا طويلة الأجل، تمكنه من وضع الخسائر كجزء لا يتجزأ من خطوات الوصول إلى تلك الأهداف، بشكل يزيد من قدرته على تقبلها والتعامل معها والاستفادة منها بحكمة بالغة، واليقين بأن التداول يتعلق بالحكمة وليس بالكمال.

ثالثا. مراجعة الخسائر وتحليلها:

تقبل الخسائر لا يعد الخطوة النهائية، بل إن فهم هذه الخسائر (سواء كانت مالية، أو فرصة بديلة، أو قرار خاطئ)، ثم مراجعة ما أحاط تلك الخسائر من ظروف وتحليلها، يعد الخطوة الرائعة ليتعلم المتداول تجنبها لاحقا، أو تخفيف أثرها في حال تكررت.

رابعا. تعلم إدارة المخاطر:

تنطوي هذه النصيحة على ثلاث خطوات، الأولى بتعلم أدبيات إدارة المخاطر من قبل الجهات الموثوقة (تحديدا الخبراء المحترفين: راجع مقالة بعنوان الخبير الحقيقي والخبير المزيف)، أما الخطوة الثانية فتتعلق بالتعلم من الخسائر السابقة أو خسائر الآخرين لتحدد الاستراتيجية المناسبة لك تجاه إما تحديد نقاط وقف الخسارة أو تحديد المركز المناسب لك، فيما تتعلق الخطوة الثالثة بالتزام قواعد إدارة المخاطر وتطبيقها بالشكل العملي.

خامسا. ضع أهداف واقعية:

إن تحديد الأهداف الواقعية، يتعلق بالمتداول نفسه، سواء بفهم شخصيته وقدرته على التحمل النفسي، أو على صعيد إدراك حجمه المالي، وتحديد المال المتاح للتداول، إلى غيرها من الأمور الخاصة بما يحيط المتداول اجتماعيا ومهنيا وغيرها.

سادسا. خذ فترات راحة عند الحاجة

لا يوجد اي مشكلة في اتخاذ قرار الابتعاد عن السوق في حالة التوتر أو الانفعال بعد الخسائر، وذلك لتجنب اتخاذ القرارات العاطفية الخاطئة، حيث إن الاستمرار في التداول في ظل ظروف مشحونة سيئة عاطفيا يقود دائما للخسائر المتراكمة.

بل إن انخراط المتداول في أنشطة تعيد التوازن، كممارسة الرياضة أو التأمل، يعد أمرا ضروريا، لشحن النفس بالطاقة الإيجابية والعودة إلى التداول بنفسية جيدة.

سابعا. احتفظ بمذكرات التداول:

إن أمهر المتداولين يمتلكون غالبا بمذكرات حول تداولاتهم وتجاربهم، سواء الرابحة أو الخاسرة، وهو ما يزيد من فرص التعلم واكتساب عادات تداول جديدة.

النتيجة:

يجب على المتداول الذي يرغب في تحقيق النجاح في أي تداول، ان يفهم الخسائر، وأن يتقبلها، وأن يتعلم منها عبر ما تمت الإشارة إليه من نصائح سابقة، بل وان يضيف لنفسه نصائح قد تستجد خلال رحلته الطويلة من التداول.

كما يجب على المتداول الناجح، ان يحيط نفسه بثروة معرفية، سواء التقليدية العلمية، او المعرفة اللحظية حول السوق التي يرغب في أن يبدأ التداول بها، إضافة إلى الإلمام بالظروف التي يمكن أن تؤثر على الاسواق قدر الإمكان.

بل إن هناك بعض المتداولين الخبراء، يشيرون إلى قاعدة ذهبية، تشير إلى أن "القليل يضيف الكثير، والتي تعني الاكتفاء بأرباح محددة في الصفقات، وعدم الانجراف وراء الأطماع بشكل يقود إلى الخسائر غير المتوقعة.

 

افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.