اقتصاد

لماذا يعد التضخم ضروريا؟ فهم أهميته للاقتصاد!

مجدي نوري
مجدي نوري
calendar
30 ديسمبر, 2024
header background
  • شهدت العديد من الدول ارتفاعًا في معدلات التضخم نتيجة عوامل متعددة مثل حزم التحفيز الاقتصادية والحرب الروسية الأوكرانية.
  • قامت البنوك المركزية في العالم برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم وتحديدا في الربع الأول 2022.
  • بالرغم من الآثار السلبية للتضخم، فإنه قد يحمل فوائد معينة في بعض الحالات مثل تحفيز الاستهلاك والنمو الاقتصادي.
  • تشير بعض المؤشرات إلى أن انخفاض التضخم دون المعدلات المستهدفة قد يعكس خطر الركود الاقتصادي.

مقدمة:

على مدار العامين الماضيين كان التضخم بطل المشهد الاقتصادي بشكل طغى على مختلف المؤشرات والبيانات الاقتصادية الأخرى، وذلك على صعيد مختلف الاقتصاديات حول العالم، حيث سعت مختلف الدول إلى تخفيض التضخم إلى المستويات المطلوبة بحسب السياسة النقدية والمالية لكل دولة، إلا أن المركزي الأوروبي لم يكن مرتاحا حينما انخفض التضخم لأدنى من المستوى المستهدف لديه، وهو ما يشير إلى أن التضخم عند مستويات معينة سيكون مطلبا ضروريا، وهنا سيتم محاولة الإجابة عن السؤال الرئيسي: لماذا نحتاج التضخم؟

منذ نهاية عام 2021، كانت الاقتصاديات العالمية في موعد مع ارتفاع معدلات التضخم لمستويات تاريخية قياسية، كانت هي الأعلى منذ أربعة عقود وتحديدا لدى الجانب الأميركي. 

مفهوم التضخم وأسبابه:

يشير مصطلح التضخم إلى ارتفاع مستويات الأسعار بشكل عام، أو انخفاض القيمة الشرائية لعملة الدولة لأسباب مختلفة، سواء تلك المتعلقة بانخفاض المعروض، أو زيادة الطلب.

وقد كانت حزم التحفيز التريليونية وراء ارتفاع التضخم، وذلك حينما قامت مختلف الدول بضخ تريليونات الدولارات لتنشيط اقتصادياتها عام 2020 ومنعها من الانزلاق في الركود نتيجة الإغلاق العام الذي تعرض له العالم بسبب الجائحة الصحية آنذاك.

كما جاءت الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022 كسبب إضافي قام برفع الأسعار نتيجة الاضطرابات التجارية التي طالت العديد من السلع التي كانت تمر عبر البحر الأسود والممرات التجارية الأخرى القريبة من مناطق النزاع.

وبذلك اجتمع عامل الطلب (ارتفاع القدرة الشرائية لدى الأفراد نتيجة حجزم التحفيز)، مع عامل العرض (انخفاض المعروض من السلع والمنتجات الرئيسية)، ليرتفع معدل التضخم، ويطرق باب الرقمين المئويين في اقتصاديات مهمة كالاتحاد الأوروبي.

هل يجب أن ينتهي التضخم تماما؟

اندفعت مختلف البنوك المركزية إلى رفع اسعار الفائدة، كوسيلة تقليدية في مكافحة التضخم، لتصل الفوائد إلى أعلى مستوياتها تقريبا منذ الأزمة المالية العالمية، لتنجح العديد من البنوك المركزية في تخفيض التضخم إلى مستويات منخفضة.

إلا أن البنك المركزي الأوروبي وخلال الربع الرابع من العام 2024 نجح في تخفيض التضخم إلى مستويات أدى من المعدل المستهدف (2%)، حينما سجل مستويات 1.7%، ما دفع المحللين إلى توقع انجرار الاقتصاد الأوروبي إلى نوع من أنواع الركود الاقتصادي، وهو ما دفع إلى التساؤل عن سبب ربط انخفاض التضخم بإمكانية حدوث الركود الاقتصادي، وهو ما ستتم الإجابة عنه عبر توضيح أسباب الحاجة إلى التضخم في الأساس.

لماذا نحتاج إلى التضخم؟

على الرغم من النظرة السلبية التي أشيعت عن التضخم في السنوات القليلة الماضية، إلا أنه يمكن النظر إلى التضخم بشكل إيجابي أيضا.

فبينما لا يرغب المستهلك بارتفاع التضخم، لأنه سيلتهم جزءا كبيرا من دخله ومدخراته، فإن أصحاب الأصول الملموسة، مثل الممتلكات أو السلع المخزنة، سيرغبون في رؤية بعض التضخم، لأن ذلك يرفع قيمة أصولهم.

بل إن هناك من يرى بأن التضخم عند مستويات مدروسة، سيعزز مبدأ إنفاق المال إلى حد معين بدلا من ادخاره، للاستفادة قدر الإمكان من القوة الشرائية الحالية، وهو ما يعد معززا من معززات النمو الاقتصادي.

أما عن النسبة الأمثل للتضخم، فتختلف من دولة لأخرى، فبينما قد تحدد دولة ما التضخم بنسبة محددة، تقوم بعض الدول بتحديد التضخم ضمن نطاق ومدى مئوي.

حيث يمكن ملاحظة أن دولا كالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وبريطانيا وكندا والسويد قامت بتحديد نسبة التضخم عند مستويات مطلوبة قدرها 2%، فيما حددت دولة مثل سويسرا معدل التضخم لديها بنطاق يتراوح بين 0-2%.

أما عن مستويات 2%، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن التضخم في حال ارتفاعه عن 2% سيسبب انخفاض قدرة الدولة على التحكم بالاقتصاد ومستويات الأسعار.

بينما أشارت بعض الدراسات الأخرى إلى أن ارتفاع التضخم عن 2% سيجعل الدولة أكثر عرضة للمشاكل الاقتصادية.

لكن وفي حال انخفاض التضخم عن النسبة المطلوبة، كما حدث مع الجانب الأوروبي قبل أن يعود التضخم لديها في تخطى 2% نهاية عام 2024، فهناك بعض المحللين من أشار إلى أنها إشارة تحذيرية بأن الاقتصاد قد يكون في طريقه نحو الركود او الانكماش، وذلك للعديد من الأسباب وأبرزها:

قد يعبر انخفاض التضخم (انخفاض الأسعار) عن انخفاض الاستهلاك بشكل عام، وأن المنتجين والباعة أصبحوا مجبرين على تخفيض الاسعار لمجاراة انخفاض الأسعار.

قد يعطي انخفاض التضخم انطباعا سلبيا للاستثمارات الأجنبية حول ذلك الاقتصاد، ما يشكل بيئة استثمارية طاردة.

انخفاض الأسعار قد يسبب في عدم التشجيع على الانتاج نظرا لانخفاض معدل الربحية، وبالتالي حدوث الانكماش الاقتصادي شيئا فشيئا.

الخاتمة:

تُعدّ مسألة التضخم محورية في الاقتصاد العالمي، حيث سعت الدول إلى تقليصه عبر السياسات النقدية، حيث إنه ومنذ 2021، شهد العالم ارتفاعًا في التضخم بسبب حزم التحفيز بعد كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وما تسبب في رفع الفوائد كوسيلة من الوسائل التقليدية لمحاربة التضخم.

ورغم أن التضخم يُعتبر سلبيًا، إلا أن بعضه قد يكون مفيدًا في تحفيز الاستهلاك والنمو الاقتصادي، بينما يشير انخفاضه عن المعدلات المستهدفة إلى خطر الركود الاقتصادي.

 

افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.