خميس الفضة: لحظةٌ فارقةٌ في تاريخ سوق الفضة

المقدمة:
إن كنت تعتقد بأن سوق الأسهم ترتبط ببعض الأيام، وأبرزها يوم الإثنين الأسود، فإن للفضة يوم مشؤوم آخر، وهو يوم خميس الفضة؟ هل سمعت به سابقا؟
هذا ما سنخبرك به وما سنكشف لك عن تفاصيله، والعبرة والدرس المهم الذي نجم عنه بالنسبة لعموم المستثمرين.
الفضة! بين الصناعة والملاذات الآمنة!
تعد الفضة أحد المعادن الرئيسية في عالم الصناعة، ويقدر سوقها بنحو 1.8 تريليون دولار أميركي بحسب موقع companiesmarketcap.
وكما تتأثر أسعار الفضة بالحالة الاقتصادية بشكل عام والصناعية بشكل خاص، فإنها تعدُّ أيضا ملاذا آمنا في أوقات الركود (وهو ما يمكن أن يتضح من الرسم رقم (1)).

الرسم (1): تحركات أسعار الفضة خلال النشاط والأزمة المالية 2008
إذ تلاحظون ارتفاعات أسعار الفضة ما بعد عام 2003 وهو العام الذي ارتفعت فيه حالة النشاط الاقتصاد العالمي بعد ازمة الدوت كوم (2000-2001) وذلك تبعا لارتفاع الطلب على هذا المعدن في العديد من الصناعات وخاصة التكنولوجية.
ولكن أسعار الفضة كانت ترتفع أيضا خلال الأزمات المالية أيضا، ما بين أعوام 2008 و2011، وذلك لسببين:
- الأول الإقبال عليها كملاذ آمن في ظل الأزمة المالية العالمية آنذاك.
- والآخر يتعلق بالمحاولات الدولية لإعادة تنشيط الاقتصاد وهو ما كان ملاحظا بشكل عام 2012.
بل إن الفضة تفوقت بشكل ملحوظ على الذهب، إذ ارتفع سعر الذهب على اساس شهري بنسبة 167% بين آب 2008 وآب 2011، بينما ارتفعت الفضة بنسبة بأكثر من 200%.
بل إن الفضة واصلت الارتفاع بنحو 400% من أدنى مستوى لها في أكتوبر 2008 وحتى أعلى مستوى لها في أبريل من عام 2011.
الفضة لها يوم أسود أيضا! يوم خميس الفضة!
تاريخيا لم تقترب الفضة من مستويات 50 دولارا سوى مرتين، الأولى في عام 2011 والتي أشرنا إليها مسبقا.
ولكن المفاجأة أن الثانية حدثت قبل 45 عاما، والمفاجأة هنا تتعلق بالسبب وليس بوصول السعر إلى تلك المستويات آنذاك (والذي تلاحظونه في الرسم التالي)

الرسم (2): أول ارتفاع تاريخي لأسعار الفضة (ما قبل يوم الخميس الفضي)
ففي ستينيات القرن الماضي، وعلى غرار إيلون ماسك الآن، كان نيلسون بنكر هانت هو أغنى رجل في العالم بسبب ثروة والده (رجل النفط الأسوطري إتش إل هانت).
إلا أن نيلسون وفي عام 1970 توقع أن يدخل الاقتصاد الأميركي والعالمي على حد سواء في أزمة اقتصادية حادة، ورأى أن العالم سيصطدم في أزمة تضخمية (وهو ما حدث فعلا نهاية السبعينيات).
وقد قام نيلسون ومعه أخوه بالتوجه نحو ملاذ آمن يحمي أموالهم، بعيدا عن الذهب (الذي كان ممنوعا على الأفراد الأميركيين امتلاكه بسبب قانون فرانكلين روزفلت عام 1933)، فقام الأخوان بالتوجه نحو الفضة التي كان سعرها بداية السبعينيات يُقدر بنحو دولار ونصف الدولار فقط.
إلا أنه وفي عام 1973 قام الرئيس الليبي بتأميم حقول النفط في ليبيا، كان منها حقول نفط تابعة لعائلة بنكر، وذلك بحسب صفحات النيويورك تايمز. وهو ما دفع نيلسون وأخوه إلى زيادة الإقبال على الفضة لحماية ثروتهم من التضخم الذي كان قد بدأت صورته بالوضوح آنذاك.
اشترى الأخوان عقودا آجلة على 55 مليون أونصة من الفضة، ليبلغ حجم ممتلكاتهم وحيازتهم من الفضة 100 مليون أونصة.
لم يقم الأخوان ببيع عقود الفضة، بل قاموا بتنفيذ تلك العقود واستلام الفضة ونقلها جوا إلى سويسرا لحفظها، وبذلك أصبحت هناك مشكلتان:
- الأولى تتعلق بامتلاك الأخوين 70% من المعروض العالمي من الفضة.
- والمشكلة الاخرى نجمت عن الأولى، إذ أدى نقص المعروض من الفضة عالميا إلى 49.45 دولارا في السابع عشر من يناير عام 1980.
هذه المستويات السعرية كانت سببا مباشرا إلى ارتفاع المضاربات على ذلك المعدن، وهو الأمر الذي دفع الحكومات وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي إلى تعليق تداول الفضة وأعلن عنه رسميا في 28 مارس 1980 (وذلك وفقا لبيانات لجنة تداول السلع الآجلة CFTC).
هذا التعليق فاجأ الأسواق، ولكنه فاجأ عائلة هانت أيضا، حيث كانت مطالبة بتنفيذ العقود التي كانت تزيد عن 50 دولارا، وهو ما أدى إلى هبوط سعر الفضة في يوم الخميس في 27 آذار 1980 إلى مستويات 10.80 دولارا، ليمثل ذلك أكبر انهيار منفرد لمعدن في التاريخ.
بل إن هذا الانهيار السعري في معدن الفضة، كّبد عائلة هانت خسارة بنحو 1.7 مليار دولار أميريكي، لتصبح العائلة آنذاك أكبر مدين في التاريخ المالي المعاصر.
ورغم تدخل الحكومة الأميركية إلا أن هذه الحالة قادت إلى ضائقة مالية أدت إلى موجة ثانوية من حالات الإفلاس والإندماج في العديد من الشركات والبنوك في ذلك الوقت.
النتيجة؛
قدم الخميس الفضي الأسود العديد من الدروس والعبر، كان أهمها إصدار لوائح فيدرالي لتنظيم أسواق السلع، إضافة إلى إعادة تنظيم أمور التداول بالهامش.
وبالنسبة للمستثمرين، فقد قدم ذلك الخميس الفضي واحدا من أهم الدروس العظيمة للمستثمرين حول العالم، وذلك بضرورة تنويع المحافظ الاستثمارية وإدارة المخاطر على قدر كبير من الإطلاع والمعرفة.
المصادر:
افصاح: المعلومات الواردة في هذا التقرير هي لغايات نشر المعلومات فقط. قد تكون المعلومات مصدرها بيانات من طرف ثالث ومزودي الأسواق المالية، وإن مجموعة (سي إف أي ) بالإضافة الى الشركات التابعة لها الخاضعة للتنظيم غير مسؤولين بأي شكل من الأشكال عن أية خسائر و/أو إجراء يتخذه المستثمر بناءً على هذا التقرير، ولذلك أي قرار للاستثمار يتخذه المستثمر فهو مبني على قراره وحكمه وخبرته أو على مشوره خاصة اختار الحصول عليها من قبل مستشار مالي أو مستشارين ماليين. نحن لا نقدم أي مشورة استثمارية بهدف التأثير على قرار المستثمر. وأن محتويات التقرير لغرض نشر المعلومات فقط، وتعتبر كخدمات إضافية او استثمارية او مشورة. نقدم معلومات وتحليلات عامة التي قد لا تأخذ بعين الاعتبار أية من أهدافك او الوضع المالي والظروف الشخصية او الاحتياجات. لذلك عليك دائماً النظر للأهداف وأخطار التداول الخاص بك، وبالتالي لا يجب الاستثمار بأي مبالغ لا يمكنك الاستغناء عنه. كل ما ورد بهذا التقرير من معلومات وبيانات فقط لغرض تمكينك من اتخاذ القرارات الاستثمارية الخاصة بك ولا يجوز تفسيرها بأنها نصيحة او توصية شخصية. محتوى المقال يعكس أراء واعتقادات المؤلفين ولا يعكس بالضرورة توجهات (سي اف أي). وان الشركة غير مسؤولة عن اي قرارات او عمليات يقوم بها المستثمر، حيث يملك المستثمر كامل الحرية والإرادة لاتخاذ أي قرار يراه مناسب لاستثماره. هذا المنشور ملكية ل (سي اف أي) فقط. كما تنص الاتفاقية بأنه على الطرف المتلقي فقط عرضها وألا يتم النشر أو التوزيع او إعادة صياغة التقارير المستلمة وارسالها لأية أطراف أخرى، وسيتم تعقب أي فرد أو شركة تقوم بالنشر او النسخ بتهمة انتهاك حقوق النشر.